العوائق التي تعترض الخريجين الأجانب لولوج عالم الشغل في فرنسا

يروي بمبا قصته لموقع Konbini News في البحث عن العمل بعد انتهائه من دراسة الماجستير في العلوم السياسية في فرنسا. إذا أردت مشاركتنا قصتك ورواياتك لا تتردد في التواصل معنا على عنوان البريدي التالي: contact@uniondesetudiantsexiles.org

حصلت منذ تسعة أشهر على ماستر مزدوج في علم السياسة والعلاقات الدولية من جامعة ليون الثانية. كان هدفي هو إيجاد مهنة تروق لي وأتمكن عبرها من تحسين حياتي. إلا أني في هذه الظروف التي أعيشها أصبح هدفي هو إيجاد أي “مهن كيفما كان نوعها” بعد أن كنت أطمح لأن أكون “مكلفا بمشاريع حول المشاكل الأمنية والسياسة الدولية”، بل إني أصبحت أخشى أيضا أن أجد شغلا في مجال له علاقة بالعلوم الإنسانية.

ولأني أجنبي وحاصل على شهادة إقامة مؤقتة يلزمني أن أجد عملا في غضون عام ابتداء من حصولي على الديبلوم، إذا أردت أن أستمر في الاقامة في فرنسا. لأن شهادة الاقامة التي بحوزتي غير قابلة للتجديد. يضاف إلى هذه المشكلة مسألة ندرة مناصب الشغل في ميدان تخصصي، وهي مشكلة فاقمتها أزمة جائحة كورونا، التي أًصبح يبتسم فيها الحظ للطلبة المتخرجين من المدارس الكبرى ومعاهد الدراسات السياسية، على حساب طلبة الجامعات الحكومية.

والسؤال الذي يُطرح علي دوما عندما أقول أني أبحث عن عمل هو التالي: “علم السياسة؟ ما الذي ترغب في أن تكونه بعد ذلك؟” فأنا لست من ذلك النوع من المهندسين الذين يتخرجون، ويجدون بسهولة منصب شغل جاهز. فهل لنا خيار بعد هذا الماستر. وتحديدا الماستر المتخصص في “السياسة الدولية وتحليل المراحل الانتقالية”.

بيان السيرة الذاتية هو جواز سفرك لولوج عالم الشغل

هذا الخيار الفضفاض، منصب شغل له علاقة بماستر في علم السياسة، جعلني أبحث عن مناصب شغل أخرى. فقدمت ترشيحي لمكاتب دراسات، ولمنظمات غير حكومية، ولمؤسسات عمومية أو مؤسسات تنشط في مجال التعاون الدولي.

ينضاف إلى كل هذا جائحة كورونا التي أدخلتني في مأزق كبير، وتحديدا في الجانب النفسي. ففي بداية الحجر أخذت حاسوبي وقلت لنفسي أنه علي استغلال هذه المرحلة لتقديم طلبات الحصول على شغل ما، ولكن للأسف جرت الرياح بما لا تشتهي سفني، فقد كانت النتيجة صفرا. لم يدم الحجر إلا شهرين، لكني أدركت أن المياه لن تعود لمجاريها بين عشية وضحاها. إذ ما الفائدة من بحثي عن عمل ما دامت كل الشركات أعادت النظر في سياسة التوظيف الخاصة بها؟

ورغم الحزن الذي يلازمني حاليا، إلا أني شعرت بالقليل من الأمل، وشغلت حاسوبي مرة أخرى، وأنا على دراية من أني لن أجد شيئا. ذلك الأمل الذي أشعل جذوته أشخاصا كانوا يجيبونني عندما أتحدث لهم عن وضعيتي قائلين: “لا تحزن، ستجد ما تبحث عنه، بفضل بيان السيرة الذاتية الذي تملكه!”

بيد أن حالتي تختلف نوعا ما عن حالة زملائي في الدفعة أو الأشخاص الذين لهم نفس التخصص الذي درسته. لقد استطاعوا الظفر بمنصب شغل بفضل شبكة علاقات خاصة أو خدمة مدنية ما. أنا وحيد، وحتى زملائي في الماستر يرون حالتي استثنائية.

تفضل الشركات تشغيل المترشحين الحاصلين على الجنسية الفرنسية

أرى شهر أكتوبر على الأبواب، وأحاول أن أغض الطرف عن التفكير في الأحداث المتتابعة التي عرقلت بحثي عن منصب شغل. ولا يمكنني أن ألقي باللائمة في هذا الفشل على اسمي، وأصلي، ولون بشرتي. أستطيع أن أفهم الخشية لدى بعض المُشَغِّلِينَ عندما يطلعون على ملفي غير الاعتيادي (ثلاث ماسترات، اثنين منها حصلت عليها في إيطاليا، وملازم سابق في القوات البرية)، فضلا عن الاعتبارات المتجاوزة التي تبنتها الشركات في ظل الأحداث الاستثنائية بسبب جائحة كورونا.

أرى أنه من سابع المستحيلات إيجاد شغل قبل شهرين من نهاية صلاحية شهادة إقامتي في فرنسا، وذلك بالنظر لكثرة الأوراق المطلوبة وصداع الرأس الذي يثيره تشغيل أجنبي في فرنسا، وذلك لتفادي هذا الإجراء الاستثنائي نوعا ما، والذي يفرض على المُشَغِّلِينَ تحمل عناء إثبات استحالة وجود مترشح حامل للجنسية الفرنسية جدير بمنصب ما.

إلا أني أفهم أن الصعوبة في عدم إيجادي شغل مردها في الأصل لعدم توفري على الخصائص التي تطلبها الشركات. وليس فيما يتعلق بالتجربة فقط، بل فيما يتعلق بالسيرة الذاتية المثالية بالنسبة لأقسام الموارد البشرية للشركات: والتي تبحث عن سير ذاتية يكون صاحبها متخرجا من مدرسة كبرى، ويملك خبرة مهنية لها صلة بالمنصب المقترح، وأن يكون مترشحا فرنسيا. أؤكد لكم أني أثق ثقة تامة في كفاءتي، وهي ثقة لم يزعزعها العدد الهائل من رسائل الرفض التي تلقيتها. “بمبا، أنت لست غبيا، بل أنت ذكي للغاية. وستجد المهنة التي تستحق”. أستحضر دوما هذه العبارات التي تملأني بالثقة في النفس والأمل اللازمين لمواجهة الاحباط الذي قد أشعر به بعد كل رسالة رفض أتلقاها.

البحث عن عمل حيث تسود ثقافة الاستحقاق

أنا أؤمن بمبدأ تكافؤ الفرص والاستحقاق. ولا أرى ضيرا في أن يوجد شخص أكثر أحقية مني للمنصب الذي أتبارى من أجله، وأن يشغله هو بدلا مني أنا، إلا أن الشك يساورني في أغلب الأوقات حول الشروط الحقيقية التي يتم وضعها لمناصب الشغل التي أترشح للتباري حولها. أشعر أن المعنيين بالأمر يفضلون نوعا خاصا من السير الذاتية، وهو شعور يتعزز عندما يسألونني في نهاية المقابلة هل لدي الجنسية الفرنسية.

وكلما اقتربت نهاية صلاحية وثيقة إقامتي كلما أصبح ولوجي لسوق الشغل حلما بعيد المنال. لدي متسع من الوقت حتى شهر أكتوبر، في حالة ما إذا كان التوقيت مناسبا. وإذا لم أجد شيئا، أفكر في العودة للسينغال أو أعرض مهاراتي في بلدان ما وراء الأطلسي. في دولة أنكلوساكسونية تعطي قيمة فعلية لثقافة الاستحقاق.

لست وحيدا في هذه المعاناة وأعرف أن هناك العديد من الأشخاص مثلي، بالكاد حصلوا على شواهدهم الجامعية، يجب عليهم إيجاد منصب شغل…

بمبا، 27 سنة، باحث عن عمل، نانتير

للإطلاع على المقالة من المصدر يمكنك الضغط هنا